بعد النشيد الوطني، تحدث رئيس الهيئات الإقتصادية الوزير السابق عدنان القصار، وقال: "نلتقي اليوم في هذا التجمع الاقتصادي، الذي تداعى إليه رؤساء الهيئات الإقتصادية، وتشارك فيه شريحة واسعة من ممثلي القطاع الخاص، لنجدد وللأسف الصرخة التي أطلقناها في آخر لقاء، علها تحرك هذه المرة ضمائر القوى السياسية، وتحثهم على تحمل مسؤولياتهم الوطنية ولو لمرة واحدة، من أجل إعادة النبض إلى اقتصادنا الوطني، الذي يعاني تباطؤا شديدا منذ سنوات عديدة، والذي ازداد في الفترة الأخيرة نتيجة الجنوح عن تطبيق سياسة النأي بالنفس، وتصاعد حدة التشنج السياسي الداخلي، إلى جانب ارتفاع منسوب الفلتان الأمني الذي لم نعرف له مثيلا حتى على امتداد سنوات الحرب اللبنانية".
وأكد "أننا هنا لنقول للقوى السياسية على اختلافها، "كفى" هدرا للمكونات الأساسية للاقتصاد اللبناني، "كفى" تهجيرا لأجيالنا وللسياح والستثمرين، "كفى" تلاعبا بمصير المواطنين وبمقدرات البلاد والعباد. آن الأوان للبنان أن يضع حدا لسنين عذابه الطوال، وأن يتنفس الصعداء، وأن نوفر الأمان الإجتماعي لأهله والإطمئنان على مستقبل أبنائه، بعيدا عن ما نشهده من هنا وهنالك من ممارسات من شأنها الإضعاف من منعته، وزيادة القلق بين أبنائه في ظل ظروف سياسية وإقتصادية بالغة التعقيد تشهدها دول منطقتنا العربية ولا سيما سوريا".
أضاف: "بمختصر القول، إن بلدنا يعاني من ظروف شديد القسوة على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والإجتماعية، ولكننا بالمقابل من موقعنا كقطاع خاص خبرنا وتجاوزنا في الماضيين القريب والبعيد ظروفا لا سيما على الصعيد الإقتصادي أكثر حدة، فألف تحية لكم على صمودكم وإصراركم على الإنتاج في ظرف مهما ضاق لم تضق فيه وسيلة للاستمرار في هذا الانتاج".
وتابع: "صحيح أننا استطعنا أن نحقق نسبة نمو تقارب 2% في العام الماضي، لكن هذا الرقم المتواضع هو دون ما يحتاج اليه لبنان لأمور نموه، وبالتأكيد دون الإمكانات التي يمكن تحقيقها في حال توافرت الظروف المؤاتية، علما أن التحذير الجديد الذي أطلقته دول مجلس التعاون الخليجي إلى رعاياها بعدم السفر إلى لبنان نتيجة انعدام الإستقرار، أمر بالغ الخطورة والحساسية وسيفاقم الأوضاع الإقتصادية من جراء غياب الأشقاء العرب ولا سيما الخليجيين عن الربوع اللبنانية، هذا إذا ما أخذنا بعين الإعتبار استمرار ارتفاع عجز الموازنة، وارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، وسط التراجع المستمر في أداء الإقتصاد اللبناني، وهذا أمر مقلق وموضع مراقبة من مؤسسات التصنيف العالمية، وغيرها من المؤسسات المالية الدولية".
واعتبر أنه "أمام هذا كله، لا بد من التحذير من أن أي تدهور في هذا المجال سيكون له تداعيات مؤثرة ليس فقط على الحركة الإقتصادية بشكل عام بل على حركة الإستثمارات بشكل خاص على المستويين الداخلي والخارجي".
وقال: "بكل ما هو حق، وباسم كل مواطن في لبنان، وهم كثر، أتوجه إلى الأفرقاء السياسيين بأجمعهم لوقف الشحن الطائفي والمذهبي والعودة إلى كنف الدولة، وأدعوهم قبل فوات الأوان إلى الكف عن هدر الفرص التي تتاح إلى لبنان فرصة بعد فرصة، وإلى تحمل مسؤولياتهم تجاه البلاد والعباد في حاضرهم ومستقبلهم، والعودة بجد والتزام إلى الحوار وتلبية دعوة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في هذا المجال، وتسهيل مهمة الرئيس المكلف تمام سلام لتشكيل حكومة جديدة تتحمل مسؤولياتها في أسرع وقت ممكن".
واردف: "نريدكم أيها السياسيون أن تلتزموا قولا وفعلا سياسية النأي بالنفس وإعلان بعبدا، وذلك لتحصين لبنان الفعلي والأكيد من ما يعصف حولنا من أحداث، وهذا يفرض عليكم تقديم الدعم المادي واللوجستي للجيش اللبناني لملاحقة المخلين بالأمن وفرض الأمن والإستقرار على كامل الأراضي اللبنانية، ولا سيما في طرابلس التي كانت تتهيأ لتطوير مرافقها البحرية لتعويض تراجع الصادرات اللبنانية عبر المنافذ البرية".
وتابع: "عليكم أيها السياسيون مسؤولية أساسية وكاملة في حماية أمان أهلنا واطمئنانهم الى عيشهم، وفي عودة لبنان كما كان دائما موئلا لإخواننا العرب ولكل قاصد من بلاد العالم. عليكم أن تعتبروا من التحديات الحاضرة والضاغطة إقتصاديا وإجتماعيا وأمنيا، والأهم أن تتعظوا من ما آل إليه التفريط المجاني والمتكرر للفرص ولكل ما من شأنه إعلاء شأن بلدنا وإنطلاق أي دور متجدد له في المنطقة والعالم على الصعد المالية والإقتصادية والثقافية.
أدعوكم والوقت لا يزال سانحا لأن تغلبوا مصلحة الوطن على كل مصلحة، فكفانا ما أصابنا وما يصيبنا، كفى لبلدنا كل محاولات الإبحار الصعب في وجه رياح نحن ننفخها، كفى لأهلنا قلق وكفى لأجيالنا الخوف على مستقبلهم ومصيرهم، نريدكم حزمة واحدة في سبيل لبنان ونحن نعلم أنكم عندما تعقدون النية أنتم قادرون، قادرون قادرون".
وختم: "إن هذا التحرك، ليس الأول، وبالطبع لن يكون الأخير، لذا نأمل أن تلقى صرختنا هذه آذانا صاغية وأفعالا حثيثة ونتائج مرضية، لأننا خلاف ذلك نؤكد أننا لن نقف مكتوفي الأيدي تجاه التحديات الإقتصادية التي تطرق أبوابنا، كما ولن نسمح باستمرار تفويت وهدر الفرص التي تتاح لنا ولذلك سنسعى ونجهد ونعمل كما لم ننقطع يوما لحماية إقتصادنا من كل عثرة، ونجنب وطننا كل ضيم، لنبني لنا ولأجيالنا وإنساننا وإن سجل إنجازاتنا هو خير شاهد لنا".
شقير
وتلاه رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير: "لم تنفع كل التحذيرات التي أطلقناها في الماضي، وقوبلت جميع تحركاتنا ومناشداتنا بسلبية مريبة، وكأن ما نطالب به لا يعني كل مواطن. هناك ما يكفي من ادلة وتصرفات تجعلنا نؤمن ان ما يحصل هو مخطط مبرمج لضرب الاقتصاد وافقار الناس.
لقد دخلنا في المحظور ولم تعد تنفع العبارات الديبلوماسية والمناشدات. نحن لا نتحدث عن تباطؤ اقتصادي وتراجع معدلات النمو نحن اليوم أمام انهيار كامل وكساد غير مسبوق. ان الهيئات الاقتصادية هي اول من يلتقط علامات الأزمة الاقتصادية. لا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن إغلاق مصنع وافلاس مؤسسة وهجرة رجال الاعمال. أننا أمام تهديد حقيقي لركائز الاقتصاد الوطني، فالأزمة الحالية تطال جميع القطاعات ، وبالتالي جميع اللبنانيين.
ان مصالح الناس متطابقة مع مصالح القطاع الخاص والتجار، فالتحدي واحد والخصم واحد".
ورأى أن "التحرك والتصعيد يجب أن يكون مركزا في اتجاه الطبقة السياسية التي لا تهتم إلا إذا هددت مصالحها. صحيح ان الهيئات الاقتصادية لا تستعمل الوسائل التعطيلية للضغط على المسؤولين المقصرين إلا ان هؤلاء لم يتركوا لنا خيارا.
أدعو الجميع إلى نبذ الاصطفافات المذهبية والفئوية والاتحاد خلف مطلب واحد: حماية الأرزاق ولقمة العيش. فليغلقوا ماكيناتهم التحريضية حتى لا تقفل مؤسساتنا".
وأضاف: "احذروا ثورة الكريم إذا جاع، وشعبنا كريم وانتم تسعون لتجويعه. لن تنفع النمر الزرقاء إذا افلس البلد. واصحاب ارقام النمر الصغيرة لن يسلموا إذا أرقام مؤشرات الاقتصاد أصبحت اصفارا مكعبة بسبب ممارساتهم ولا مبالاتهم".
وأكد أن "الاحتقان السياسي يولد إضطرابات أمنية لكن الانهيار الاقتصادي سيفجر ثورة اجتماعية تسقط جميع المحرمات. نحن نشهد هذه الأيام عددا من الأحداث المؤلمة التي تؤشر إلى حجم الحاجة والعوز التي يعاني منها المواطن.
وبإزاء هذا الواقع الأليم ما زلنا من دون حكومة والطبقة السياسية تنتج أزمات محلية وإذا ضاقت بها السبل استوردت أزمات من الخارج، وكل ذلك دون الالتفات إلى هموم الناس الذين يدعون تمثيلهم. وحتى يتجنبوا المحاسبة من الناس ألغيت الانتخابات.
نحن نناشد حكمة رئيس البلاد الذي ما زال يحظى باحترام وثقة الناس لكي يسارع بإطلاق حوار اقتصدي لإنقاذ الاقتصاد فلا يشهد عهده انهيار الاقتصاد.
لم يعد هناك وقت نضيعه في جدل عقيم فالمطلوب إنقاذ مصالح الناس وليس مصالح السياسيين".
وختم: "أدعو كل المخلصين والنقابات وممثلي العمال والهيئات الاقتصادية للتوحد حتى يكون لصرختنا صدى ولتحركنا وقع على الأرض".
طربيه
أما رئيس جمعية مصارف لبنان الدكتور جوزف طربيه فقال: "أتوجه اليكم اليوم باسم القطاع المصرفي في لبنان لنشارك في صرخة الغضب التحذيرية التي تطلقها الهيئات الإقتصادية في لبنان ليبقى البلد ويبقى الإقتصاد. لقد درجنا دائما كقطاع مصرفي على تطمين اللبنانيين الى سلامة المصارف والودائع والتزامنا ببلدنا وتمويل اقتصاده ونموه. لم نتردد يوما في المراهنة على لبنان وعلى شعبه الطيب وعلى مؤسساته من إدارة عامة وقضاء وقوى امن وجيش وطني يحمي الأمن والسلم الأهلي. ولا نزال ملتزمين بهذه المسلمات وعاملين من أجلها. إننا ممسكون بالوضع المصرفي ومؤتمنون على أموال اللبنانيين وودائعهم ولن نسمح بأي إهتزاز بالثقة الغالية".
وتابع: "إننا ننادي الأكثرية الصامتة في لبنان أن لا تبقى صامتة أمام تهديم بناء الدولة، أن لا تبقى صامتة أمام تعطيل التوافق على قانون إنتخابي أو إرجاء الإنتخابات النيابية، أن لا تبقى صامتة على تدمير الإقتصاد وتهديد معيشة اللبنانيين في باب رزقهم. إننا نقول للجميع إسمعوا صوت الضمير قبل فوات الأوان. حيدوا البلاد عن كل الصراعات وخاصة عن الصراع الدائر في سوريا. أبعدوا شبح الفتنة عن لبنان إذ لا خيار أمام اللبنانيين إلا الوحدة. لا نقبل بأن نعود ساحة للصراعات الإقليمية والمذهبية، وقد ذاق لبنان في السابق مرارة تجربة الحرب الأهلية وأن تكرارها على أرضه - لا سمح الله - هو ضرب من الجنون".
أضاف: "إننا ندعو اللبنانيين الذين اعتادوا الخلافات السياسية أن يجمدوا هذه الخلافات ولو موقتا، في وقت يشتد الصراع الدولي في المنطقة وعليها، مع ما يوقظه هذا الصراع من فتن مذهبية وعقائدية، وما سيجره من تداعيات على الكيانات الوطنية والأنظمة السياسية. نقول للجميع ليس الوقت مناسبا لإقحام الذات اللبنانية في هذه الصراعات. وساذج من يعتقد أن دولة صغيرة مثل لبنان أو أي فئة فيه يمكن أن تفيد من صراع المصالح الدولية التي لا بد أن تصفي حساباتها وتعزز مصالحها على حساب جميع المتورطين بالنزاعات".
واردف: "كلمة موجزة نرفعها لفخامة رئيس الجمهورية: يمر لبنان بظروف مصيرية نتيجة التطورات الحاصلة في المنطقة. نثق بأنكم لن تسمحوا للحرب السورية أن تمتد الى لبنان. لقد أعدنا بناء بلدنا بالكثير من الجهد والمال والدين العام، فلا تسمحوا بتحطيم هذه المعجزة العمرانية والاقتصادية لأنه لن تتوفر إمكانات جديدة لإعادة تجربة الإعمار في بلد يدمر على أيدي أبنائه. لذلك، نعتمد عليكم في دعوة كل الأفرقاء السياسيين الى الإلتزام بإعلان بعبدا من اجل العودة الى الحوار والتهدئة السياسية والأمنية، وإيلاء الإقتصاد ومعيشة الناس الأولوية على الصراعات العبثية".
ووجه كلمة الى الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام بالقول: "إن الهيئات الإقتصادية تشعر يوميا بحجم الخسائر الناتج عن غياب حكومة جديدة تدير شؤون البلاد: فالأوضاع المعيشية باتت تثقل بظلها على المواطنين وخاصة الطبقات العمالية وأصحاب الدخل المحدود، والمقاطعة الخليجية للبنان تشتد مع كل تأثيراتها. فأين هو الصيف الواعد الذي ينتظره الإقتصاد اللبناني، والنسيج الإجتماعي في البلد يجري تمزيقه مذهبيا وطبقيا، وكأنه لا وجود لشعب لبناني موحد ولا مصالح يتوحد حولها اللبنانيون.
والجيش اللبناني يجري إستهدافه من أجل شل حركته في الحفاظ على السلم الأهلي. ومن الطبيعي أنه لا تمثل لبنان إطلاقا تلك الوجوه الرعناء التي تطلق النار في الأزقة وتغدر بالمدنيين الابرياء عابري السبيل، ولا اليد المجرمة التي تخطف لتحصل على الفدية المالية. وفي المحصلة، لم يعد بإمكان أحد أن يطمئن اللبنانيين الى غدهم، وبعض المؤشرات تدل على أنهم يقتربون من الطريق الخطأ".
وختم طربيه: "إن القطاع المصرفي يمثل أفضل ما في لبنان وهو ناجح لأن اللبنانيين متوحدون حوله، وباسم هذه الوحدة نرفع مع الهيئات الاقتصادية صرخة الغضب التحذيرية ليبقى بلد واقتصاد، آملين أن تزول سريعا العوائق من أمام مهمتكم السامية في تشكيل حكومة تعيد الأمل الى اللبنانيين، وتنقذ الواقع الأقتصادي المتردي وتضرب بيد من حديد على الفتنة الهوجاء".
افرام
وتلاه رئيس جمعية الصناعيين نعمة افرام: "تداعينا اليوم، عل أصداء الصراخ تصل إلى آذان لم تشأ أن تسمع طوال سنوات، فهل تفعل اليوم؟
تداعينا، لأننا نرفض الموت السريري لوطن .ولأننا ،على الرغم من التحلل الكامل في جسد دولتنا وروحها ، نعلنها بالفم الملآن :نحن أبناء رجاء. نحن أبناء قيامة.
وكلما سدت الدروب أمامنا، خيارنا أن نشق طرقاتنا بأنفسنا. فنحن متجذرون في هذه الأرض، وقرارنا أن نبقى فيها".
وقال: "لن نركع. نقولها اليوم بصوت هادر. لن ينفع معنا الشلل العام. لن يردعنا إطفاء محركات الدولة، وانهيار مؤسساتها الواحدة تلو الأخرى.
فنحن صناعيي لبنان، يزداد تصميمنا على التحدي والنجاح كلما اشتدت الصعاب. وسنقاتل بأسناننا وأظافرنا لنحافظ على رسالة الإنتاج والوفاء بفتح فرص العمل.
والى الشريك في عملية الإنتاج في القطاع العام نقول: لقد أعلنت استسلامك، وطالما أنت في تخبط وشلل ولا تستطيع أن تمد يد المساعدة، فرجاء استرح.
رجاء، كف عن عرقلة عملنا. لا تعاقب التوظيف في خلق فرص العمل. لقد تخاذلت طويلا في إطلاق مشروع التشركة بين القطاعين العام والخاص. ولم تتفق على تنفيذ خطة واضحة لإصلاح الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. ولم تنفذ قانون إعادة الهيكلة في قطاع الكهرباء. ولم تشرع قوانين تحد من الاستيراد وتزيد من التصدير. ولم تحم إنتاجنا الوطني من الاغراقات. لم نر شيئا من ذلك كله على الأرض.
فرجاء رجاء، لقد دخلنا كصناعيين زمن الاتكال على الذات، ونحن على استعداد للقيام بعملنا وبعملك، لأننا رمز المقاومة الاقتصادية. فلا تعرقلنا في معاملات النقل البري أو البحري أو في الجمارك، ولا تعرقل حقنا في الضريبة على القيمة المضافة، ولا مبادراتنا الخلاقة لتسيير أمورنا".
وتوجه الى السياسيين: "اسقطوا التبعية لدول ومحاور إقليمية ودولية، والتزموا نداء بعبدا. فما من أحد يريد مصلحة شعبنا، إلا إذا تماشت مع مصالحه. شكلوا حكومة ترسي الأمن وتحمل هموم الناس. أنتجوا قانونا انتخابيا عصريا يكرس المناصفة ويحمي الشراكة. والتزموا حصرية القرارات في المؤسسات الدستورية، وبعدها اذهبوا الى الانتخابات. أوقفوا الانزلاق نحو الهاوية.
لقد آن الأوان لوضع خطة طوارئ تعزز وتدعم الصمود الصناعي وتنقذ الاقتصاد الوطني. آن الأوان لتدركوا أن أولوية شعبنا هي العيش بفرح وكرامة.
وبصراحة أقول: تراجعوا عن أولوياتكم المختلفة واجعلوا هذه أولويتكم. وتعالوا ننتج وننمو معا. تعالوا نعيش ونتألق ونبدع معا.
اجعلوا السياسة فنا شريفا فننجو كلنا، ويربح لبنان".
شماس
وألقى رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، كلمة رأى فيها أن "كل سنة تمر نترحم على الفائتة. وكل مؤتمر يتم تنظيمه يكون أخطر من الذي سبقه. المؤتمرات الأخيرة كان موضوعها إجتماعيا مهنيا، مثلا كيفية التعامل مع زيادة الأجور أو سلسلة الرتب والرواتب، أما اليوم، فالتحرك له طابع مصيري ووجودي: هل يبقى لنا إقتصاد أم لا؟
هل بيقى لنا بلد أم لا؟"
وقال: "بصفتي رئيس جمعية تجار بيروت، أرى أنه - إذا إستمر النزف الإقتصادي على هذا النحو، سوف يأتي يوم ألتقي فيه التجار البيارتة في بلاد المهجر، باريس أو برلين أو بوسطن أو بيجنغ، بعد أن يكونوا قد أرغمتهم الظروف على مغادرة بيروت.
نحن غير موجودين هنا اليوم لكي نبرهن للمرة الألف أن الهيئات الإقتصادية موحدة، في حين أن الطبقة السياسسية مشرذمة. ولا نحن موجودون من أجل تقديم صلاة الإستمطار جماعيا، لربما تلطف علينا السماء وتحرك الوضع شيئا ما على مشارف فصل الصيف، لكي نعوض - ولو جزئيا، الخسائر المتراكمة.
ولا نحن موجودون للبكاء والنحيب والإستسلام ورفع الرايات البيضاء.
بالعكس تماما، نحن موجودون هنا لكي نطلق صرخة مدوية ونقول إن قلوبنا ليست ملآنة بالضعف والانكسار، إنما بالعزيمة والعنفوان والغضب.
ونحن موجودون للقول إن بعد إهتزاز الأمن السياسي والأمن العسكري، أصبح الأمن الإقتصادي الإجتماعي معرضا للإنهيار.
ونحن موجودون في ضوء تخاذل الطبقة السياسية لنقول إن الهيئات الإقتصادية ستأخذ بيدها المبادرة وتقول "الأمر الإقتصادي لنا!
وإن ما آلت إليه الأمور من ترد، مرده الى تطورات الأشهر المنصرمة، وهي كاسرة للتوازنات:
- التوازن المالي الذى يزداد إختلالا مع تنامي العجز والمديونية، مما يقوض سيادة الوطن والمجتمع.
- التوازن الإقتصادي المفقود مع نسب نمو تناهز الصفر وتعثر المحركات كافة.
- المأساة الإجتماعية التي تشهد تمزق النسيج الوطني مع تفاقم البطالة، وتغيير معالم المجتمع المقيم مع تنامي الهجرة.
- المعضلة الأمنية التي، بالرغم من جهود القوى المسلحة الشرعية المشكورة، تجعل لبنان مكشوفا ومعرضا لكل الإحتمالات.
- التعطيل السياسي اللامسؤول وهزالة المؤسسات على نحو لم يسبق له مثيل.
- الأزمة الأخلاقية التي تجعل المواطنين يشعرون بالإزدراء والإحتقار تجاه الطبقة السياسية.
فبينما كنا نتوقع أن يطير مجلس النواب ويبقى موسم الصيف، وإذ بموسم الصيف يطير ويبقى المجلس النيابي.
والحقيقة أن العنوان الرئيسي لمآسينا الحالية يعود الى كون "لا أحد موجودا في مكانه الطبيعي، فإن السائح الخليجي إنكفأ عن بيروت وذهب الى إسطنبول ودبي، والنازح السوري هجر دياره وأتى الى لبنان، والمقاتل اللبناني ترك أرضه وعبر الى سوريا، ولا أحد في مكانه الطبيعي.
فالسائح الخليجي غائب عن لبنان للشهر الـ 13 على التوالي، مما يقض مضاجع الإقتصاد الوطني، وعلى رأسه قطاعا السياحة والتجارة، أما النزوح السوري، الذي ما فتئت الدولة تستخف بحجمه، فإنه تحول الى تسونامي يكاد يجرف لبنان ديمغرافيا وأمنيا وإقتصاديا وإجتماعيا، والأخطر من كل ذلك هو تورط بعض اللبنانيين في الأحداث الأليمة الدائرة في سوريا، باعتبار أن سوريا تحولت الى أرض جهاد، متجاهلين الإنعكاسات المدمرة على لبنان وإقتصاده".
وسأل: "ما هو المطلوب إذا؟
- أولا: توافق اللبنانيين حول الجهاد أو الحياد، فلا مجال للمساكنة أو التعايش بين سياسة الجهاد وإقتصاد الحياد، والإختيار لا مفر منه.
- ثانيا: على الطبقة السياسية أن تتحمل مسؤولياتها بعدما مددت لنفسها بوقاحة. فإما أن تؤمن لنا الإستقرار، أو أن نخرج الدجالين من الهيكل.
- ثالثا: نؤيد إجراء حوار إقتصادي إنقاذي، برئاسة فخامة رئيس الجمهورية، ونطالب بإدراج بند وحيد على جدول أعماله وهو: "الإستراتيجية الدفاعية الإقتصادية"، وذلك لتسييج ما تبقى من قطاعات إنتاجية.
- رابعا: إيجاد شعار يوحد اللبنانيين خلافا للثالوث المعروف الذى يفرقهم، فهلا تبنينا شعار: "الوطن والمجتمع والإقتصاد"؟
وختم: "وطن واحد، مجتمع واحد، إقتصاد واحد. فإما أن نعيش موحدين، أو أن نموت مشرذمين".
عربيد
وألقى رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الإمتياز شارل عربيد كلمة تلا فيها التوصيات الصادرة عن الهيئات وقال: "لم يشهد لبنان مرحلة بلغ فيها الامر ما بلغه الان من الخطورة. حكومة مستقيلة، حكومة منتظرة، امام تشكيلها عراقيل كثيرة، فراغ يهدد مجلس النواب والمؤسسات الدستورية، ادارة مستقيلة من مهامها، خلافات سياسية على اشدها، اشتباكات هنا واشتباكات هناك... جمود يهدد جميع القطاعات الاقتصادية.
أهذا هو بلدنا الذي كان يقال فيه: نيال من له مرقد عنزة في لبنان؟
لطالما تميز القطاع الخاص اللبناني وهيئاته الاقتصادية بالتفاؤل والمثابرة، حتى في احلك الظروف واشدها وطأة على الاقتصاد الوطني، حيث كانت تستمر الهيئات باطلاق المبادرات واداء دورها الايجابي وابداء الملاحظات البناءة، المبنية على رؤى اقتصادية واضحة وطموحة.
اما اليوم، فتشعر الهيئات بالاسى والالم لما آلت اليه اوضاع البلد والاقتصاد، اذ دخلنا في النفق المظلم، حيث لا تفاؤل ولا مثابرة ولا من يحزنون. وبات الشعب اللبناني يعيش حالة غضب جماعية وخوف على المصير.
فحالة الانكماش المستمرة تفقدنا المزيد من المناعة، في ظل انعدام الحركة الاقتصادية وتفاقم المشاكل الاجتماعية.
ويواجه اهل السياسة المآسي تلك عبر تمديد إمعانهم في اللامبالاة او الجهل او الاسهام في كل ما يؤجج الفتنة ويزيد الاوضاع سوءا"... فمن اعطاهم هذه الوكالة الحصرية غير القابلة للعزل ليتحكموا برقابنا ومستقبل اولادنا؟"
وأضاف: "انطلاقا من ذلك، تحذر الهيئات الاقتصادية من العواقب الوخيمة للجمود الذي أدى الى تراجع مخيف في المؤشرات الاقتصادية. فمؤشر ثقة المستهلك انخفض بنسبة 37 بالمئة، وعدد السائحين بنسبة 17.5 في المئة، والاستثمار الاجنبي بنسبة 68.6 بالمئة".
وتابع: "تدعو الهيئات الاقتصادية، وباصرار، الى تنفيذ خطوات انقاذية، اهمها، تشكيل حكومة متجانسة وفاعلة وقادرة، لانعاش الاقتصاد وتحقيق آمال اللبنانيين.
وتناشد الهيئات الاقتصادية فخامة رئيس الجمهورية، السعي لدى الافرقاء السياسيين الى تجديد الالتزام بمبادىء "اعلان بعبدا" وروحيته، لناحية تشجيع الحوار والتهدئة الأمنية والسياسية وخاصة الإعلامية، والتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة، اضافة الى تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية.
وتدعو فخامة رئيس الجمهورية للعمل على انتاج "اعلان بعبدا اقتصادي"، يحيد ويدعم الاقتصاد على اساس معادلة: الانتاجية والتنافسية والعدالة الاجتماعية.
وتؤكد دور الجيش اللبناني في الامساك بالأمن وضرب المخلين بيد من حديد. فالجيش اللبناني هو المؤسسة الضامنة للسلم الأهلي والمجسدة للوحدة الوطنية، وهو يتمتع بغطاء شعبي واسع يخوله القيام بواجبه الوطني".
وقال: "تنبه الهيئات الاقتصادية الى ضرورة إيجاد حلول انسانية، ترتكز على اصالة اللبنانيين وقيمهم، لقضية النازحين السوريين، لكي لا يشكلوا عبئا وخللا بنيويا على مجتمع يرزح أصلا تحت اعباء اقتصادية ومعيشية مزمنة.
وتؤكد الهيئات أن من واجبها اطلاق هذه الصرخة الجديدة، نظرا الى تمادي اهل السياسة في اهمال ابسط واجباتهم تجاه مجتمعهم، وتحميلهم مسؤولية التردي المستمر، رافعة عبر ذلك مستوى المساءلة تجاه التقصير وسوء الأداء".
وتوجه بنداء الى المجتمع اللبناني، "من عمال واصحاب عمل، من منتجبن واصحاب قلم ومهن حرة، والى كافة هيئات المجتمع، لحماية مصالحهم الحيوية، وليشكلوا حلقة ضغط وتأثير وليبادروا الى اعلان رفض الواقع المهين، وليخاطبوا اهل السياسة بصوت واحد: ماذا فعلتم بالبلد؟ ماذا فعلتم بالاقتصاد؟ ماذا فعلتم بمصالح المجتمع؟ ماذا فعلتم بلقمة عيش اللبنانيين؟"
وختم: "إذ تؤكد الهيئات الإقتصادية مجددا إيمانها بقدرة اللبنانيين على العمل معا لتخطي المصاعب والمحن، تعلن الهيئات أن اليوم هو بداية تحركها التحذيري، وسيليه سلسلة من التحركات التصعيدية. فلا يمكن أن نستمر بتلقي الضربات، في حين يطلب منا القيام بواجباتنا وكأن البلد والاقتصاد بألف خير