حدد رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان السيد محمد شقير ثلاثة شروط لمعالجة "فضائح" الاغذية الفاسدة بشكل نهائي وتوفير الأمن الغذائي للبنانيين، "هي: إزالة العصابات من المرافئ اللبنانية والمعابر الحدودية، التشدد بالاحكام القضائية لتكون عبرة لمن أعتبر، ضبط المختبرات ووضعها تحت اشراف معهد البحوث الصناعية.
وقال شقير "تم الحديث في الآونة الاخيرة بين المسؤولين المعنيين في الدولة اللبنانية بملف "الغذاء الفاسد" عن فترة شهرين لانهاء هذه القضية و"تنظيف الاسواق من هذه المواد الفاسدة"، لكن اعتقد ان هذا الموضوع لن يدوم طويلا ولن يعطي النتائج المرجوة ، في ظل الفلتان الذي نشهده عبر عصابات تتحكم في المرافئ والمعابر الحدودية". واضاف "شاركت مؤخرا في اجتماع لجنة الاقتصاد والتجارة النيابية وكان محور النقاش ملف الغذاء الفاسد، وصارحت الجميع خلال الجلسة انه من دون ضبط المنافذ البحرية والبرية لا يمكن معالجة هذا الملف نهائياً، كما أكدت ضرورة مصارحة المجتمع اللبناني في كل هذه الامور خصوصا موضوع العصابات لكي يساهموا في معالجة هذا الموضوع "الفضيحة".
وأكد شقير "لن نقبل ان يكون لبنان "مكب زبالة" لبعض الدول ومنها اسرائيل"، وقال "هناك الكثير من البضائع الفاسدة التي رفض ادخالها الى هذه الدول، ولكنها أتت الى لبنان وتم ادخالها الى الاسواق، وأكلها الشعب اللبناني"، واضاف "هذا أمر مرفوض لن نسكت عنه، وسنتابعه حتى النهاية، لأن الامر يتعلق بصحة اللبنانيين وسمعة الاقتصاد اللبناني". وتابع شقير "تساهل اللبنانيون في موضوع فضيحة المازوت، وسامحوا بنحو 15 مليون دولار، لكن في هذا الملف لا اعتقد ان أحداً يسامح بصحته وعافيته، "فلنتحد جميعاً لمواجهة مافيات الموت".
وبالنسبة للاحكام القضائية، قال شقير "السنة الماضية تم ضبط أغذية فاسدة، وعلى اثرها انزلت عقوبات بالمرتكبين تراوحت بين غرامات وصلت الى مليار ليرة، والحبس لمدة ثلاثة أشهر، لكن المفارقة انه تم استئناف الاحكام فلم يحبس اي شخص فيما الغرامات انخفضت الى حدود 54 مليون ليرة"، وسأل شقير هل هذا عدل؟ ألم تعطي هذه الاحكام النهائية اشارة لـ"تجار الموت" لكي يعاودوا المتاجرة بأرواح اللبنانيين وصحتهم، مشددا على ضرورة انزال أقصى العقوبات بحق المتلاعبين بصحة الناس، ليكونوا عبرة لمن اعتبر. وتناول شقير موضوع المختبرات، فقال "أبان معاينة بعض المختبرات شوهد فيها بعض القطط، ولدى استيضاح الامر، أجاب المسؤولين عنها ان وجود القطط هو لمكافحة الجرذان المنتشرة في ارجائها"، سائلا هل يعقل هذا الامر ان يقوم مختبر فيه قطط وجرذان باعطاء شهادات تتعلق بسلامة الاغذية؟، مشيرا في هذا الاطار الى "وجود "خطاً عسكرياً" في الكثير من هذه المختبرات، وهي تعطي شهادات حول سلامة البضائع بأقل من ساعتين.
ودعا شقير في هذا الاطار الى ضبط هذه المختبرات ووضعها تحت اشراف معهد البحوث الصناعية " الذي يعتبر الجهة الوحيدة الصالحة لاعطاء مثل هذه الشهادات".
الندوة
نظم اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان ومعهد البحوث الصناعية والجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز "الندوة الدولية لسلامة الغذاء"، اليوم في مجمع البيال، بحضور حشد كبير من الفعاليات الاقتصادية ورجال الاعمال والمهتمين بالقطاع الغذائي واعلاميين.
تناول برنامج الندوة محاور أساسية مرتبطة بسلامة الغذاء، لاسيما سلامة المواطن والزائر، وسلامة الاقتصاد اللبناني خصوصاً قطاعات السياحة والزراعة والتجارة والصناعة التصديرية.
رسلان
بداية القت نائبة رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيض الامتياز مديحة رسلان كلمة باسم رئيس الجمعية شارل عربيد أكدت فيها ضرورة إيلاء هذا الملف الاهتمام المطلوب ومعالجته بجدية واعتباره مسؤولية مشتركة شاملة يجب أن تلقى اهتمام جميع المعنيين، من سلطات رسمية مختصة الى القطاع الخاص وصولا" الى المواطن. ورأت أنه أصبح من الضروري وضع المعايير والمواصفات المعتمدة دولياً ومواكبتها بآليات الاشراف والتطبيق من خلال تجهيز الطواقم وتدريبها في الوزارات المعنية لتكون قادرة بدورها على الارشاد والتثقيف والمحاسبة، لافتة في هذا الاطار إلى أهمية توحيد الجهود بين السلطات المعنية لإيجاد آلية فعالّة تجمع أدوار كافة السلطات الرقابية والتنفيذية لضمان حقوق المستهلك والمؤسسات.
واشادت بدور الإعلام في تسليط الضوء على كل ما من شأنه أن يضر بالمواطن، متمنية "توخي الدقة والحكمة في نقل الصورة بموضوعية وعدم التعميم، بل تسمية المؤسسات المخالفة بعد التدقيق بصحة الخبر، وذلك لعدم المزج بين "الصالح والطالح" ولعدم المس بسمعة المؤسسات التي تطبق نظم الجودة وتخضع للفحوص المخبرية الرسمية، لا سيما ان الشائعات المغرضة لا تؤدي إلى نتيجة غير التسبب بالهلع، وتدمر صورة لبنان السياحية التي نعمل جاهدين على تعزيزها".
وقالت رسلان "في هذا الإطار ترى الجمعية أن موضوع مراقبة وضمان النوعية والجودة هي مسألة تقع في صلب نشاط أي مؤسسة. كما إنها المعيار الأهم للنجاح والاستمرار. ونحن في الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز نولي أهمية لهذا الموضوع لأنه ميثاق عملنا ولولا ذلك لما كان النجاح سمة مؤسساتنا، التي تتمتع بأعلى معايير الجودة، ما سمح لها بالانتشار في العالم العربي والكثير من دول العالم".
الفرن
من جهته، أشار رئيس معهد البحوث الصناعية بسام الفرن في كلمته الى ان "المعهد، الذي تأسس عام 1953 لمواكبة الصناعيين اللبنانيين ورفدهم بالخبرات والاستشارات، يهدف، عبر عمله التقني والعلمي، لتحقيق الاهداف الآتية:
1- حماية المستهلكين اللبنانيين من المنتجات والبضائع الرديئة النوعية.
2- حماية الصناعة اللبنانية عبر تطبيق المواصفات ومحاربة إغراق الأسواق اللبنانية بالمنتجات المضرّة وغير المُطابقة للمواصفات.
3- تقديم خدمات فنية مُتقَنة وبالغة الجودة.
وأشار الى ان المعهد حاز على اعتماد الهيئة الألمانية للاعتماد (DAR) بحسب متطلبات المواصفة القياسية الدولية ISO 17025.
وقال الفرن "يعمل في معهد البحوث الصناعية عدد كبير من الخبراء والاخصائيين والمهندسين. وهو قام بتجهيز مختبراته بأحدث المعدات. وفي ما خص سلامة الغذاء، جهز المعهد المختبر الكيميائي والمختبر الفيزيوكيميائي لاجراء مروحة واسعة من التحليلات المتعلقة بالمنتجات الغذائية للكشف عن مخلفات مبيدات الحشرات والسموم الفطرية وتحديد الكميات المستعملة منها، وتتبع المعادن والملوّنات وغيرها. اما المختبر الجرثومي فهو مجهّز بأحدث التكنولوجيات لإختبار صلاحية المنتجات للإستهلاك البشري وتحديد مستوى تلوّث العيّنات. كما أوكلت وزارة الإقتصاد والتجارة إلى المعهد إدارة المختبر المركزي لبحوث الدقيق والخبز والحبوب وتشغيله ليتولّى مراقبة نوعية القمح ومشتقات القمح المستوردة والمنتجة محلياً".
ولفت الفرن الى ان "المعهد احتضن ELCIM منذ عام 2005 التي عملت على تقديم المشورة لعدد كبير من الصناعيين اللبنانيين. وانطلاقا" من الخبرة هذه، انبثقت فكرة انشاء وحدة استشارات غذائية متخصصة ايماناً من المعهد بضرورة تضافر الجهود والخبرات المتوفرة والمكتسبة لتقديم رزمة اضافية من الخدمات للصناعة اللبنانية، لاسيما نظام جودة الغذاء ISO 22000، ومواضيع النوعية، وسلامة الغذاء وتطوير المنتجات".
وأعلن أن مركز الابداع والتكنولوجبا CIT في المعهد قد باشر اعماله، وهو يعتمد على صندوق بقيمة 200 الف يورو مقدمة من الاتحاد الاوروبي لتشجيع المؤسسات الصناعية على التعاون مع مراكز البحوث لاجراء الابحاث التطبيقية لتطوير المنتجات ووسائل الانتاج.
شقير
أما شقير فقد قال في كلمته "نلتقي اليوم في "الندوة الدولية لسلامة الغذاء"، تأكيدا على رؤيتنا المشتركة بضرورة ايلاء قطاع المأكولات والاغذية أهمية اضافية لما له من ارتباط مباشر بصحة المواطنين، والزائر، ما يعني قطاع السياحة الذي اثبت انه محرك هام للاقتصاد اللبناني".
وأضاف "تأتي هذه الندوة في الوقت الذي نسمع فيه يوميا عن حالات غش وتوزيع للحوم واسماك فاسدة ادخلت الى لبنان بطرقية غير شرعية او بالتواطؤ، او فسدت في المستودعات، ومع ذلك تم توزيعها على بعض المؤسسات".
ورأى شقير ان "قيام عدد ضئيل جدا من منتحلي صفة التجار، المنعدمي الضمير، باستغلال فساد البعض وتقصير الدولة هو جريمة بحق الوطن والمواطن والاقتصاد. لذلك، فاننا منذ اليوم الاول لاندلاع فصول هذه الفضيحة الجديدة التي تتكون عناصرها من قلة باعت ضميرها وادارات مهترئة وفاسدة، قررنا ان نضطلع بدور فعّال وتصعيدي للتأكد من معاقبة الفاسدين والمفسدين، وان لا نقبل باي تبرير لما حصل، لا من بعض منتحلي صفة التجار ولا من المسؤولين"، وأكد "اننا امام حالة كبيرة من "اسلحة الفساد الشامل" التي تطال كل مواطن بغذائه ورزقه"، معتبرا ان استيراد وتوزيع الاغذية الفاسدة جريمة، والتقصير ايضا جريمة، لان الجهل والتقصير ليسا حجة حين يتعلق الامر بغذاء الناس وسمعة الوطن.
وقال شقير "تأتي أهمية "الندوة الدولية لسلامة الغذاء"، لانها ستسلط الضؤ على الحلول العلمية والعملية، ومنها نظم الجودة، التي يفترض بالمؤسسات السياحية والغذائية ان تطبقها يوميا" وعلى مدار السنة. هكذا تتوفر الحصانة ضد الشائعات المغرضة التي يطلقها هواة الاثارة والكذب. هكذا تتوفر الحصانة ضد التقصير والفساد".
واضاف "تعودّنا في لبنان على الازمات والفضائح الدورية، ولا يمكننا ان نعيش ونعمل تحت رحمتهما. علينا، ان نأخذ زمام المبادرة ونطوّر مؤسساتنا عبر وعينا وتصميمنا وبواسطة أيادينا".
وتابع شقير "لهذا السبب انشأ اتحاد الغرف مركز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ليوفر الخدمات الاستشارية والتدريبية الضرورية لتطوير المؤسسات، وخاصة تلك المعنية بالغذاء والسياحة. ولكن هذا لا يعني ابدا" ان الدولة معفيّة من دورها التشريعي والتنظيمي والرقابي والقضائي. وسنواصل ضغطنا على الحكومة لكي تتخذ الاجراءات اللازمة لحماية مواطنيها وسمعة وطنها. ولكي لا نسمع التبريرات الواهية التي سمعناها في الايام الماضية حول قضية فساد المواد الغذائية. وقد يكون من الضروري البدء بحملة علاقات عامة واسعة من اجل استيعاب الاضرار التي نجمت عن هذه الفضيحة الغذائية، وردة الفعل الرسمية عليها".
وأكد شقير ان "الاتحاد يضع مصالح التجار نصب اعينه، وايضا مصلحة الناس. ونحن امام ازمة تطال الاثنين معا، بالتالي فهي تؤثر على مصلحة الوطن. لذلك، لن نتوانى عن المطالبة بفضح المتواطئين والمقصرين واتخاذ اجراءات صارمة بحقهم. وفي المقابل فاننا سنعمل لنشكل درعا لحماية مصالح الابرياء من الشائعات التي بدأت تنتشر لتهدد قطاع السياحة برمته". وقال "لن نقبل ان تؤثر الشائعات على العمل الدؤوب والمتواصل الذي قامت به على مرّ السنين فئة ريادية مميزة من اللبنانيين. لن نقبل ان تطيح الشائعات بتعب هؤلاء وبعرق جبينهم. اعاهدكم باننا لن نكون بصفوف المتفرجين. وسنأخذ المبادرة ونضغط على الحكومة ونوضح للرأي العام الحقائق، حفاظا على الاقتصاد وسمعته".