أقام رئيس اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة وفي لبنان رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان الرئيس محمد شقير حفل غداء تكريمي على شرف حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة اليوم في مطعم Le Stay – وسط بيروت.
وحضر الحفل وزير الصناعة الاستاذ فريج صابونجيان، النائب عاطف مجدلاني، النائب روبير فاضل، سفيرا ايطاليا واستراليا، النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، الاستاذ محمود بري، رئيس الهيئات الاقتصادية الاستاذ عدنان القصار، رئيس الاتحاد العمالي العام السيد غسان غصن، وحشد كبير من رؤساء واعضاء الهيئات الاقتصادية ورجال الاعمال والاعلاميين.
شقير
والقى الرئيس شقير كلمة بالمناسبة تحدث فيها عن الصفات التي يتميز بها سلامة قائلا "عمل هادىء ونتائج مدوية، قرارات مبنية على معطيات علمية دقيقة وليست ردات فعل ووجهات نظر، سجل ناصع وثقة مكتسبة، الارتقاء الى مصلحة الوطن في زمن سياسات المصالح الخاصة الضيقة، يدير اذنا صماء للمشوشين، ولا يستمع الا للارقام والمؤشرات العلمية، فتكون قراراته حكيمة وسليمة ورؤيته ثاقبة. انها مدرسة رياض سلامة في العمل العام لخدمة الاقتصاد الوطني".
وقال شقير "ما معنى ان يهتز النظام المالي العالمي وتنهار كبريات المصارف، فيما يزدهر القطاع المصرفي في لبنان وتنهمر الودائع من كل حدب وصوب وذلك نتيجة الثقة بالقطاع المصرفي التي نسجها حاكم مصرف لبنان"، مؤكدا ان "ذلك لم يحدث لأن السلطات النقدية نأت بنفسها عما يجري، انما لأن مصرف لبنان بظل قيادة رياض سلامة كان سباقا باتخاذ التدابير الاستباقية الرقابية، ما جنب القطاع المصرفي اللبناني وبالتالي الاقتصاد الوطني من الانهيارات المالية التي طالت معظم الدول".
وأعلن شقير الى ان "الهيئات الاقتصادية والغرف التجارية في لبنان، وهي صلة الوصل بين القطاع الخاص والحكومة، تجد بحاكم مصرف لبنان رياض سلامة حليفا طبيعيا يفهم لغتها وتهمه مصلحتها، مشيرا الى ان "ذلك تجلى حين هبت الهيئات الاقتصادية للضغط على القيادات السياسية من اجل تجنيب لبنان فراغا في اعلى سلطة نقدية نتيجة التجاذبات السياسية".
ونوه الى انه "في بلد ينقسم فيه الفرقاء حول كل شيء من الرغيف الى قانون الانتخاب، نجد اجماعا قل نظيره على شخص حاكم مصرف لبنان، وكانه اصبح من الثوابت الوطنية". وقال "نمر هذه الايام بظروف محلية واقليمية مصيرية وضاغطة، ما يقتضي التفكير بكل خطوة نقدم عليها. ان المتابع للسجال السياسي القائم في البلد لا بد له الا ان يرتاب ويشكك في قدرة المسؤولين على مواجهة التحديات. وهنا ايضا نحمد الله على وجود شخص مثل الدكتور رياض سلامه يراقب ويحذر ولا يتوانى عن تحميل الجميع مسؤولياتهم حين تبرز الحاجة".
وأضاف "فيما نحن نتحدث عن رجال عرفوا بانجازاتهم، لا بد الا انهنىء الهيئات الاقتصادية ولبنان باعادة انتخاب معالي الوزير الاستاذ عدنان قصار رئيسا لاتحاد غرف التجارة العربية، هذا الرجل الذي توجد بصماته في كل المرافق الاقتصادية اللبنانية. مبروك يا معالي الوزير واطال الله بعمرك".
ورأى شقير ان "الشفافية والنزاهة والاخلاص بالعمل وتقديم المصلحة الوطنية ليست شعارات يتناقلها السياسيون، ولو قدر لها ان تتطبق كما فعل حاكم مصرف لبنان لكانت النتيجة ذاتها، النجاح والثقة والسمعة الطيبة".
وختم قائلا "باسمي وباسم اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان والهيائات الاقتصادية، احيي الحاكم رياض سلامه على انجازاته وعلى خدمته للاقتصاد الوطني، واعاهده بأننا سنقف الى جانبه من أجل حماية الاقتصاد ليبقى لبنان ملاذا آمنا للمستثمرين اللبنانيين والعرب".
سلامة
ثم تحدث سلامة، فشكر اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في لبنان برئيسها محمد شقير وجميع أعضائها على مبادرتهم الكريمة بإجراء حفل غداء تكريمي لي ، متمنيا النجاح والتوفيق الدائم للجميع".
وقال "بنظرة سريعة إلى ما يجري حولنا في العالم العربي و دول المتوسط، نرى أن المنطقة تعيش حالة من التراجع في إمكانياتها الاقتصادية وتراجعا في احتياطات العملات الأجنبية و ارتفاعا بالفوائد و أحيانا تراجعا بسعر العملة مقارنة بالدولار". واضاف "هناك تدخل لصندوق النقد من خلال برامج ينفذها أو يعد لها في عدة دول: اليونان، ايطاليا، اسبانيا، تونس، مصر، الأردن. لبنان، بفضل جهودكم وبفضل الاستقرار النقدي، ينفرد اليوم بحالة من الاستقرار تمكنه من تمويل قطاعيه الخاص والعام بقدراته الذاتية وذلك بالرغم من أوضاع سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة. مصرف لبنان، وكما فعل دائما، سيعمل على المحافظة على الثقة من أجل تأمين استمرارية التمويل متحملا كلفة هذا الخيار".
ورأى سلامة ان "هذه الكلفة هي برأينا أقل بكثير على لبنان من كلفة التخلي عن سياسة الاستقرار والتحكم بالسيولة بهدف تأمين الاستقرار التسليفي، مشدداً على ان "الليرة اللبنانية ستبقى مستقرة ولدينا الإمكانيات لذلك، والفوائد ستبقى مستقرة، وقد برهن تدخلنا بالأسواق في أول ستة أشهر من العام 2011 أنه بإمكاننا الاكتتاب بسندات الخزينة اللبنانية للحفاظ على فوائدها المنخفضة وللحفاظ على ملاءة الدولة و ذلك دون إحداث تضخم من خلال مراقبة صحيحة و دقيقة لإدارة السيولة. لكن ذلك لا يغني عن العمل على إنجاز إصلاحات تخفّض العجز العام".
وقال "تبيّن من خلال التجربة أن النمو الاقتصادي يرتبط بعملية التسليف للقطاع الخاص و أن التسليف مرتبط بنمو الودائع. وقد حفزنا على التسليف بالليرة اللبنانية وللقطاع الخاص، وكانت النتائج مشجعة إذ ارتفع التسليف إلى القطاع الخاص حاليا إلى أكثر من 40 مليار د.أ وقد انخفض التوظيف في سندات الدولة إلى 28 مليار دولار".
وأكد سلامة "إننا مستمرون بالتحفيزات للقطاع الخاص ضمن الحدود التي رسمناها للإعفاءات من الاحتياطي الإلزامي". وقال "نحن ننظر إلى زيادة التمويل إلى القطاع الخاص دون التخلّي عن الحفاظ على الانضباط النقدي ونرفض الاسترسال في الرافعة المالية التي تولد تورمات تتحوّل لاحقا أزمات قاسية على الاقتصاد وعلى فرص العمل". واشار الى ان نسب التضخم في لبنان تبلغ حاليا ما يقارب الـ 4% وهذا معدّل مقبول في بلد ينتعش فيه الاقتصاد حينما تكون نسب التضخم أقل من 4%". وأضاف "إننا نراقب عن كثب الارتفاع في أسعار المواد الأولية لا سيّما النفط المستورد وتأثير ارتفاع الأجور و الارتفاع المرتقب في عجز الخزينة".
وأوضح ان مصرف لبنان سيعمل من خلال إدارته للسيولة إلى الحد من ارتفاع هذا المعدل مع إبقاء هدفنا لنسب تضخم تكون أقل من 4% خلال العام 2012-2013. وقال سلامة "يواجه لبنان عجزا" في ميزان مدفوعاته منذ العام 2011، مما يتطلب إجراءات للتحكم في قطاع الطاقة لتخفيض كلفتها على لبنان، فالفاتورة النفطية في لبنان تتجاوز الـ 6 مليار دولار سنويا وهذا رقم مرتفع"، مشيرا الى ان صندوق النقد يتوقع نموا بالاقتصاد للعام 2012 بحدود الـ3%. "يمكن تجاوز هذه النسبة إن سمح بذلك المناخ السياسي و الأمني في لبنان ليتمكن القطاع الخاص من زيادة حجم أعماله الداخلية"، مشيرا الى ان مصرف لبنان لن يعلن عن توقعاته للنمو قبل تموز نظرا لطبيعة لبنان والتقلبات الممكنة.
ولفت الى "إننا نعمل حاليا" على الإعداد لإطلاق الأسواق المالية مستندين بذلك على القانون الذي أقرّ مؤخرا في مجلس النواب". وقال "إنّ تفعيل أسواق رأس المال في لبنان هو لمصلحة القطاع الخاص وسوف يؤمن فرص عمل أكثر بشكل مباشر أو غير مباشر، ويساعد على تخفيض مديونية القطاع الخاص من خلال إصدار أسهم كما يساعد على توزيع أفضل لمديونيته من خلال إصدار سندات تؤدي إلى برمجة أفضل لاستحقاقات دينه. ولمصارف الأعمال و المؤسسات المالية ومؤسسات الوساطة دور مهم يمكن أن تلعبه في هذا المجال و ستبقى المصارف التجارية بعيدة عن هذا النشاط".
واضاف "كما نعمل على زيادة نسب الملاءة في المصارف اللبنانية مطبقين معايير أفضل من تلك التي اعتمدتها مبادئ بازل -3 ما يعني التوصّل في العام 2015 إلى نسب ملاءة تبلغ الـ12% بدلا من الـ7%. إن العمل للتوصّل إلى هذه النسب يكون من خلال زيادة الرأسمال من الأرباح غير الموزعة ومن خلال إصدار أسهم وحتما ليس من خلال تخفيض التسليف".
وتابع سلامة "من ناحية أخرى، نسعى دائما للحفاظ على سمعة قطاعنا المالي وذلك من خلال اتخاذ التدابير الوقائية لتسليف المصارف اللبنانية في دول تشهد اضطرابات وأيضا من خلال التواصل مع السلطات النقدية عالميا لتوضيح صورة عملنا المصرفي والتزامنا بالقرارات الدولية ضمن سقف احترام القانون اللبناني". واكد سلامة ان المصارف اللبنانية لم ولن تقوم بتحاويل تجعل المصارف المراسلة في وضع مخالف لقوانين بلادها ، وقد أصدرنا تعميما بهذا الخصوص مؤخرا.
وإذ اشار الى شائعات كثيرة عن خسائر لمصارف لبنانية في سوريا أو في مصر أو عن استهداف مصارف لبنانية وفرض عقوبات عليها، أكد إنّ "هذه محض إشاعات وستبقى كذلك، فالمصارف اللبنانية سليمة، وتعمل حسب الأصول المهنية، وعندها الإرادة بأن تبقى منخرطة بالعولمة المالية خدمة للبنان واقتصاده، وهي كوّنت وتكوّن المؤونات المطلوبة لحماية رؤوس أموالها التي لا حظر عليها".
وختم سلامة قائلا "تناولت الأوساط المالية والإعلامية موضوع قانون الـFATCA وتأثيره على القطاع المصرفي اللبناني. إن هذا القانون يعني فقط المواطنين الأميركيين ولا يؤثر على المواطنين من الجنسيات الأخرى. ونحن نعمل حاليا على وضع آلية لتطبيقه بما يتجاوب مع القانون الأميركي حفاظا على علاقة المصارف اللبنانية مع مراسليها في الخارج، وستكون هذه الآلية متلائمة مع القانون اللبناني ولا سيّما السرية المصرفية".
وبعد ذلك، قدم الرئيس شقير درعا تقديريا باسم اتحاد الغرف اللبنانية الى الحاكم رياض سلامة.