نظمت غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان لقاء حواريا مع وزير المالية علي حسن خليل في مقر الغرفة حول كل القضايا المتعلقة بسياسة وزارة المالية حيال القطاع الخاص، بحضور حشد كبير من رؤساء الهيئات الاقتصادية والنقابات والجمعيات المصرفية والصناعية والتجارية والسياحية ورجال اعمال.
شقير
بداية تحدث رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد شقير فقال، الجو في البلد جو حواري بإمتياز، وما في أحلى وأجدى من الحوار للوصول الى تفاهمات تريح الجميع وتخرج البلد من المأزق. نحن كقطاع خاص لم نسلك يوما سوى طريق الحوار، وهو حالياً بات ضرورة أكثر من اي وقت مضى، خصوصا في ظل الظروف الدقيقة التي تهدد بغرق المركب، للتوصل الى علاجات تأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة، لأن الجميع يعاني، والجميع مهدد، ان كان الدولة او اصحاب العمل او العمال".
واضاف "ان لقاءنا اليوم مع معالي وزير المالية يندرج في اطار اللقاءات التي تنظمها غرفة بيروت وجبل لبنان لجمع اصحاب الشأن مع المرجعيات الحكومية وجها لوجه، لطرح الامور والهواجس بكل صراحة وبساطة، وهي محاولة مجدية للوصول الى اقتراحات من شأنها انقاذ ما أمكن من قطاعاتنا ومؤسساتنا، كما انها مسؤولية مشتركة، لانه إذا ضغف القطاع الخاص وانهار لا سمح الله، فان الدولة لن تكون بعيدة عن ذلك".
وشكر شقير الوزير خليل "على تلبيتك دعوتنا في غرفة بيروت وجبل لبنان "بيت الاقتصاد اللبناني"، ونعول كثيرا على خبرتك وسعة صدرك وادراكك لدقة اوضاع البلد الاقتصادية".
وقال "في وزارة المالية لديك كل الارقام والمؤشرات وتعلم علما يقينا مدى التدهور الذي يصيب اعمالنا، ونحن من جانبنا نعرف جيدا اوضاع المالية العامة الصعبة، لذلك فان مطالبنا لن تكون تعجيزية او مكلفة، انما نستهدف اجراءات تخفف عن كاهل مؤسساتنا وتعطيها دفعة لتتمكن من الصمود كي تعبر هذه المرحلة بأقل خسائر دون ان تسقط". واضاف "نحن ايضا نثمن كل المبادرات التي قمت بها، وآخرها الحملة على الفساد في الادارات التابعة لوزارة المالية ان كان الدوائر العقارية او الجمارك، ونتمنى ان تصل هذه الحملة الى ما يصبو اليه كل لبناني".
ولفت شقير الى ان "هناك الكثير من المطالب من قبل القطاع الخاص، يمكن ان يكون ابرزها:
- موضوع استرداد الضريبة على القيمة المضافة لا سيما ان طريقة التعامل مع هذه العملية غير سوية، والكثير من المؤسسات وصلت الى حافة الانهيار بسبب عدم استرداد هذه الضريبة. ونقترح في هذا المجال ان تكون عملية الاسترداد عن طريق المقاصة وبعدها تجري المراجعة اذا وجدت أي مخالفة.
- اكمال تعيين لجان الاعتراضات، لا سيما انها انحصرت في تعيين لجان بيروت، والمطلوب اكمال التعيينات لباقي المحافظات لا سيما جبل لبنان.
- اعادة احياء لجنة التواصل بين وزارة المالية والهيئات الاقتصادية التي تمكنت في السنوات العشر الماضية من من حل الكثير من الامور العالقة بين الطرفين.
- عدم الغاء الخط الاخضر الذي تعتمده ادارة الجمارك في مرفأ بيروت، والعمل على مراجعة الاجراءات لكشف المخالفات دون المس بهذا الخط الذي يسهل كثيرا امور التجار والمواطنين.
- بالاضافة الى التعاطي بمرونة مع المؤسسات، اعادة جدولة الديون المتعثرة، توسيع مروحة دعم الفوائد والقروض، إزالة العوائق في علاقة المكلفين مع وزارة المالية، وغيرها".
وقال شقير "لن اعدد كل المطالب افساحا في المجال امام زملائي التحدث عن مطالبهم، كما نأمل من معاليك ان تضعنا في صورة اوضاع المالية العامة والتحديات التي تواجهها، فضلا عن آخر نتائج الحملة على الفساد التي تقوم بها".
واضاف "نحن نطمح ان يشكل هذا اللقاء محطة لاطلاق ورشة مفتوحة بين وزارة المالية والقطاع الخاص لمعالجة كل القضايا العالقة والاخرى الآنية التي تستجد، فالمرحلة دقيقة وهذا ما يستدعي زيادة التنسيق والتواصل، لتسريع الحلول.
القصار
والقى رئيس الهيئات الاقتصادية عدنان القصار كلمة قال فيها "يسعدني أن أرحّب بالوزير خليل بين قيادات وأسرة الهيئات الاقتصادية في لبنان في هذا اللقاء بمبادرة من الأستاذ محمد شقير على شرفه".
واضاف "لن أطيل الكلام، فمعاليه معروف وإنجازاته واضحة وظاهرة للعيان. ولكنني أودّ باسمكم جميعاً أن أنوّه بالتطور البارز الذي شهدته وزارة المالية منذ توليه مهامه الوزارية، ولا سيما في مجال الإجراءات الجريئة التي يقوم بها للإصلاح وقطع دابر الفساد وحماية أموال الخزينة العامة".
واكد القصار على "عمق العلاقة القائمة بين الهيئات الاقتصادية ووزارة المالية، حيث ساهم هذا التعاون في أكثر من مكان، في خدمة الاقتصاد اللبناني وفي تعزيز مرونتهت وقوة صموده تجاه مختلف التحديات".
خليل
وتحدث خليل فقال "اليوم نحن مع بعضنا بكل وضوح وصراحة نريد ان نتعاون، نريد أن نلتقي فالدولة لها سياستها التي يمكن في بعض الأحيان ان لا تلتقي مع سياسة الهيئات الاقتصادية وهذا أمر مشروع، لكن بالتأكيد يجب أن نلتقي على البحث فيما يجب أن تكون عليه طرق المعالجة".
وتعليقا على تصريح رئيس جمعية المصارف فرانسوا باسيل، قال خليل" قرأت اليوم (أمس) تصريح لباسيل يقول فيها: ان الدولة ليس شريكاً أو "زبون" جدير، هذا الأمر ليس دقيقاً، أعرف ان هناك معضلات". واضاف "اذا أكملنا كل التصريح الذي أطلقه باسيل، لكن .. كلا، الدولة تقوم بمسؤلياتها وواجباتها. صحيح أن المصارف تمول الدولة بجزء كبير، لكن الدولة تقوم التزاماتها أيضاً والدولة تدفع ما هو متوجب عليها والدولة لم تقصر يوماً في تسديد مستحقاتها للمصارف فيما يتعلق بالسندات وتمويل احتياجات الدولة. نعم نحن نريد أن نحقق الكثير من الاصلاحات التي عبر عنها الأستاذ باسيل وهي اصلاحات ضرورية لها علاقة بأدوار المؤسسات السياسية ولها علاقة ببعض الانجازات المطلوبة على الصعيد الاقتصادي والمالي أو السياسي الاقتصادية والمالية وهذا امر جدي وجدير بالتوقف عنده لما تقوم به الدولة ولكن بالقدر الذي شجع به أو بتصريحه، عملية الاصدار الجديد التي تقدم عليه وزارة المالية مثل هذا العنوان اليوم برأيي يترك اثراً سلبياً على العلاقة أو على صورة الرأي العام لعلاقة الدولة مع المصارف او مع الهيئات الاقتصادية.(هو مدخل تحببي)".
واشار الى انه خلال سنة الـ2014 رغم كل ما حصل فان نسبة النمو في البلد قاربت 2 في المئة وهي نسبة رغم انها ليست نسبة جيدة لكن في ظل كل هذه المعطيات اعتقد انها مقبولة ويمكن البناء عليها من أجل الانطلاق نحو مرحلة أفضل خلال سنة 2015 وما يتبعها. كما ان المعدلات التضخمية أكثر تدنياً من السنوات السابقة"، لافتا الى ان المعدل السنوي لمؤشر سعر المستهلك لم يتجاوز 1,9 و2 في المئة خلال سنة 2014". واشار خليل الى "اننا اليوم أمام معطيات مهمة وجدية خلال هذه السنة، تتمثل بانخفاض أسعار النفط بما يقارب الـ50 بالمئة، وهذا الامر له نتيجة ايجابية مباشرة رغم أن له بعض السلبيات". وقال " الناحية الايجابية في هذا الأمر ان الدولة تتحمل جزءاً كبيراً من عجز الكهرباء وصل سنة 2014 الى 3 الاف و150 مليار ليرة أي ما يقارب المليارين ومئة مليون دولار لتغطية عجز الفيول أو الغاز أويل. واذا بقيت اسعار النفط بحدود 60 دولار، كما وضعت مؤسسة كهرباء لبنان موزانتها، يتوقع ان تصل مساهمة الدولة الى حدود الفين ومئة مليار ليرة، بمعنى ان هناك ما يقارب الالف مليار وفرا على الخزينة في ما يتعلق في المساهمة في كهرباء لبنان. وهذا الوفر ممكم ان يوظف في الكثير من المشاريع الانمائبية التي تعطي دفعا للاقتصاد الوطني".
واضاف "بالمقابل هناك اثر سلبي لم تتعاط الحكومة معه بمسؤولية، وهو موضوع اسعار المحروقات، فالدولة كانت تحصل تقريبات ما مجموعه 350 مليار ليرة من الـTVA على استهلاك البنزين، للاسف هذا الامر انخفض الى اقل من النصف، وبالتالي خسرنا حوالي 200 مليار ليرة إذا بقيت الامور كما هي عليه، ربما كنا بحاجة لدراسة منطقية توازن بين الاسعار وقدرة المواطن على التحمل ومصلحة الدولة في الحفاظ على قيمة هذا الدخل، لاستثمار الفارق في مشاريع انمائية واقتصادية في البلد"، مشيرا الى ان "هذا الأمر لم يعالج وعندما نوقش في مجلس الوزراء، بصراحة أقول نوقش نقاشاً شعبوياً دون أن يكون هناك نوع من التركيز المنطقي والعلمي لكيفية حماية أوضاع المالية العامة في البلد".
وقال خليل "أما النتائج السلبية لانخفاض اسعار النفط، هناك احتمالات بانخفاض قيمة التحويلات الى لبنان، لكن من خلال تجربتي وبما اطلعنا عليه ومن خلال دراستنا لا اعتقد انه سيكون هناك انخفاض في تحويلات سريعاً على لبنان، باعتبار أن معظم التحويلات تأتي من دول الخليج التي لم تتأثر موازناتها العامة ومشاريعها مباشرة جراء ذلك خلال سنة الـ2015 ، وإذا ألقينا نظرة على ميزانيات دول الخليج العربي نرى ان هذه الدول لم تبدل بموازاناتها بل على العكس هناك بعضها رفعت موازناتها نتيجة وجود احتياطات كبرى، لكن ربما هذا الأمر سيكون له انعكاس في سنوات مقبلة إذا استمر الانخفاض واضطرت هذه الدول الى إعادة النظر بشكل جذري بآليات إنفاقها وبالموازنات العامة فيها".
وقال خليل "ما يهمني ان هذا الانخفاض سيؤثر في كلفة الاستهلاك لدى المواطن اللبناني، وكذلك سيخفض العجز في الخزينة بين 7 و 8 بالمئة، وبالتالي هذا الوفر سينفق في مجالات أخرى تحرك الاقتصاد".
وقال "بالعودة الى سنة 2014 اعتقد ان النتائج الاولية وفق دراساتنا هي ايجابية بمعنى أننا حققنا فائض أولي يصل الى 1600 مليار ليرة، ومنذ سنوات لم يكن عندنا مثل هذا الفائض الأولي. هذا أمر له مجموعة من الأسباب وأهم سبب أننا قلصنا الانفاق غير المجدي الى مستوى كبير وارتفعت في بعض الأماكن نسبة الواردات جزئياً. هو فائض أولي قليل، لكن هذا الامر حتى نهاية شهر تشرين الاول، وربما يكون أكثر قليلاً إذا أكملنا الحسابات كل السنة". واضاف "مع جملة الاجراءات التي ننوي اتخاذها في سنة الـ2015 نهدف الى تخفيض مستوى العجز الكلي الى حدود 5 الاف مليار ليرة"، مشيرا الى ان ذلك سيؤدي الى خفض نسبة العجز من النتاج المحلي الى اقل من 10 في المئة الذي تجاوز الـ10 بالمئة عن 2013 ،مثل هذه الامور مرهونة بجملة من الاجراءات التي يجب تتخذ في اطار برنامج اصلاحي كامل، بعض عناوينه، لكن هناك اجراءات تتعلق بطبيعة عمل المالية العامة والتي ورد جزء منها بكلمة شقير".
وقال خليل "لم يعد مفهوما ان تبقى قضية اطلاق عملية التنقيب عن الغاز عالقة، هذا الامر ان نتائجه المالية المباشرة ربما تحتاج الى سنوات، لكن بالتاكيد عندما نلزم هذا الامر وتدخل الشركات الى المياه الاقليمية، ويوضع اول بئر عمليا للحفر، فان نظرة العالم والمؤسسة المقرضة المؤسسات المالية للبنان، وستتغير معها طبيعة تعاطيها مع لبنان"، معلنا ان الحكومة على ابواب اتفاق على كل المراسيم المتعلقة باطلاق عمليات النفط، مراسيم تقسيم المنطقة، مراسيم الآليات التنفيذية، وكل ما يحتاجه هذا الامر لنبدأ في المرحلة التنفيذية".وقال خليل "النقاش الدائر حاليا يتجه الى سرعة الوصول الى وضع هذا الامر موضع التنفيذ".
وتحدث خليل عن الموازنة العامة، فاشار الى انه تقدم بمشروعي موازنتب 2014 و2015، وطالبت بكتاب قدمته في ايلول الماضي الى مجلس االوزراء قالت فيه: ان على مجلس الوزراء الدعوة الى جلسة لاقرار الموازنة العامة حتى يصبح من حق الحكومة في حال تلكؤ مجلس النواب عن اقرارها قبل نهاية كانون الثاني 2015، ان تصدرها الحكومة بمرسوم، وهذه خطوة جريئة جدا لوزارة المالية".
واشار الى انه ناقش هذا الموضوع الاسبوع الماضي مع رئيس الحكومة واتفقنا ان يكون مناقشة للموازنة العامة قبل نهاية شباط"، سائلا كيف لبلد ان يسير لعشر سنوات دون موازنة عامة؟
وعن اصادر سندات باليوروبوند، قال خليل "نحن امام اصدار سندات جديدة باليوروبوند واصبح موضع التنفيذ قريباً وكل المؤشرات ايجابية. ما ننتوقعه ان يكون اقبال على هذه السندات لكن االمؤشرات لصالحنا على هذا الصعيد وهي عملية دقيقة ويجب ان تحترم في اصولها ومواقيتها وهذا الامر ننسقه مع البنك المركزي".
واشار الى نسبة الدين العام من الناتج المحلي في العام 2014 بلغ نحو 134 في المئة ليس بكثير عن الـ2013 وانخفاض عمليات التضخم لسنوات عديدة.
واعلن خليل تجاوبه مع طلب شفير بالنسبة للهيئة المشتركة، وقال "نحن على استعداد كوزارة مالية الى الاستماع والتعاطي الجدي والنقاش معاً بمسؤوولية، كما اتطلع الى قيام ورشة حقيثقية بين كل الهيئات ووزارة المال تنطلق من مسؤؤولية كل طرف من اجل الحفاظ على تحسين وضعنا المالي في البلد ولا حدود له الا المصلحة العامة". واضاف "هذه الهيئة المشتركة جاهز لتفعيلها لنضع القضايا على الطاولة ونبحثها بمسؤولية وبجدية".
وبالنسبة للجان الاعتراضات، اشار الى ان "جزء منها اقر، وانا وقعت بالأمس بعض القرارات واذا كان هناك اي ثغرة في هذا الموضوع لن نقصر في بحثها".
وفي ما خص موضوع استرداد الضريبة على القيمة المضافة، قال "هناك ملاحظات، وأعد باقرب وقت ان يكون عندنا تصور حول كيفية تنظيم دفع هذه الاستردادات بشكل دوري ومنتظم". واضاف "هناك جزء بسيط للأسف حل، لكن يجب ان يعتمد حل لهذه القضية تعتمد للجميع".
وبالنسبة للغاء الخط الاخضر، قال خليل "لا اريد ان استغل هذه المناسبة للاعلان عن جملة الاجراءات التي نقوم بها في وزارة المالية حول هذه الامور، لكن اقول انه لن يكون هناك تهاون لا بحق مشاعات الدولة ولا بحق المواطن الذي يجب ان يحصل على خدماته بالعقارية بشكل سهل وشفاف"، مؤكدا انه لن يكون هناك غطاء على احد وكل اللبنانيين.
وفي موضوع الجمارك، قال "ان الموضوع اصعب مما يتصوره البعض فهناك منظوممة من الفساد متحكمة في هذا القطاع وصعب تفكيكه لكن ليس مستحيلاً، وهناك اجراءات جذرية للتعاطي مع هذا الوضع ككل في الجمارك.